الأمين أزروال
لم يتبق الآن سوى يومين أو ثلاثة ايام، عن موعد انصرام شهر رمضان بأجوائه الروحانية الجميلة، واستقبال عيد الفطر السعيد، وكما ورد في الاثر: “للصائم فرحتان فرحة عند الإفطار وفرحة يوم لقاء الله”.

من خصوصية رمضان أن الحق سبحانه وتعالى، نسب فضله لنفسه؛ وكما ورد في الحديث القدسي الذي يقول فيه سبحانه على لسان نبيه:”كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به”، ومن ثم فإن رمضان شأن خاص بين العبد وربه، لامجال فيه لتدخل أي سلطة بشرية مهما كان مستواها، كما أنه لامجال هناك لأي نوع من أنواع التشدد الذي يمارسه بعض الفقهاء، عن جهلهم لحقيقة الدين ولمقاصد الشريعة، إذ المسلم المريض أو المسافر لديه رخصة شرعية للإفطار، بقطع النظر عن نوعية المرض او مستوى مضاعفاته؛ وبقطع النظر كذلك عن وسيلة السفر هل بالسيارة او بالقطار او بالطائرة او بأية وسيلة اكثر تطورا، وذلك لعلة السفر الذي هو في الغالب الأعم مظنة للتعب، وما على المريض والمسافر إلا الرضى والقبول بالرخصة الإلهية، “فالله يحب أن تُؤْتى رخصه كما تؤتى عزائمه”، وقد ورد في الأثر: “ان الله تصدق عليكم بصدقة فاقبلوها”، ذلك أن السلف الصالح من علماء الأمة كانوا يتعاملون مع الأوامر والنواهي الإلهية، بنوع من المرونة واليسر؛ فقد ورد في تفسير القرطبي أن ابن رهوية زار ، هو وجماعة من أصحابه، العالم ابن سيرين في نهار رمضان، ووجدوه يفطر لأان أصبعه كان به بعض الألم فقط، واستحسنوا منه ذلك وقالوا خشينا ألاّ تستعمل الرخصة؛ وزاد القرطبي في تفسيره قائلا: إن ذلك هو مذهب حذاق أصحاب مالك وبه يتناظرون، إلى غير ذلك من الأمثلة التي تجسد الفهم الصحيح للدين من قبل العلماء المتقدمين.
وبمناسبة هلال العيد، سيُثار مرة أخرى ،كما تعودنا منذ سنين، جدل من قبل جماعة من المتشددين والجهلة، حول صحة رؤية هلال العيد في حالة تصادفت رؤيته مع رؤية أهل المشرق، مما سيدفعهم إلى التشكيك ، كالعادة،في رؤيته، علما أن أصح رؤية منذ زمن قديم، وبشهادة كثير من العلماء من المشرق، هي رؤية أهل المغرب ، لأنها تعتمد على المشاهدة لا على الحساب، كما هو الحال في كثير من البلدان الإسلامية، وأن الجهات التي تراقب الهلال جهات متعددة، لاجهة واحدة مما لا يدع أي مجال للشك. فالمغرب معروف، عبر التاريخ، بدراسة علم التوقيت، حيث نبغ في هذا العلم العديد من المؤقتين، ولاتزال بعض العائلات في كل من فاس ومراكش تحمل اسم ابن المؤقت نسبة إلى أحد الآباء أو الأجداد.
Back to top button