واسمح لي بأن اخاطبك دولة الرئيس، باسمك الخاص، تسهيلا للتواصل، مع حفظ المقامات والألقاب؛ واسمح لي بالتالي، بأن أقول لك انني ما كنت أتوقع منك الاعتراض على الحديث عن الأمن في الملعب، واعتبار ذلك بمثابة خط أحمر، بحكم أن الأمر يتعلق بمجرد منافسة بين مجموعة شباب مغاربيين عرب وافارقة أشقاء، قد يتخاصمون اليوم ويتصالحون غدا؛ وبحكم أن الأمر لا يتعلق في نهاية المطاف سوى بلعبة كرة القدم.
كنت أظن صمتك عن بعض الأعمال التي مست، مع الأسف، أمن بلادك وسلامتها، حقيقة، هو من باب تعقلك ورصانتك، أو بالأحرى من باب تفضيلك العمل في صمت، والصمت حكمة عند البعض، لكن لاشيء من ذلك تأكد لي بعد تصريحك المتعلق بالواقعة الكروية الأخيرة، التي تبقى ،بالنسبة لي وبالنسبة لغيري ، مجرد واقعة كروية!!
لقد شهدت تونس هذه السنة عبور مجموعة عناصر فرنسية مسلحة ،رسمية، من المساعدين التقنيين لقاطع الطريق حفتر، لأرضها، من معبر رأس جدير إلى مطار جربة بدون استئذان، تلتها مجموعة أخرى مسلحة أيضا ، من جنسيات مختلفة، عبرت بدورها بنفس الطريقة تقريبا، ولم نسمع منك أي حديث عن أمن البلاد ولا عن خطوطها الحمر.
قبل ذلك شهد شهر دجنبر 2016 دخول كوماندو من الموساد الصهيوني للبلاد ،حيث قام باغتيال مهندس الطيران التونسي، المقرب من حماس، محمد الزواري ولم نسمع منك أي تصريح من هذه النوعية.
اعلم، حفظك الله، أن سلامة وأمن تونس، العزيزة على قلوبنا جميعا، لا تمسان بمثل تصريحات رئيس “الكاف” احمد احمد، ولا بمواقف الوداد البيضاوي أو وفاق سطيف الجزائري أو أهلي طرابلس الليبي، وغيرهم، من البطولة الأفريقية.
إن سلامة تونس الخضراء العزيزة وأمنها لا يمسان، وعلى غرار جميع البلدان المغاربية، سوى بأوضاع الناس البئيسة، وبطالة الشباب، وغلاء المعيشة، وفقر الأسر وعوزها، والظلم الواقع على الطبقات المسحوقة، والفساد المستشري في الإدارة والقضاء، وفي مستويات تسيير وتدبير ثروات البلاد، ونظام تقاسم الثروة والسلطة المختل، وقمع الحريات وحقوق الإنسان، وايضا باستغلال هذه الأوضاع من طرف الدوائر الكولونيالية الجديدة لتأبيد سيطرتها على بلداننا والاستمرار في استغلال ونهب خيراتها وثرواتها.
واعلم السي الشاهد، رعاك الله، أن أمن تونس وسلامتها هما من أمن وسلامة البلدان المغاربية كلها، المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، فاعملوا ، أنت ونظراؤك المغاربيين، سويا على حماية أمن بلداننا ككتلة متراصة، وحاولوا معالجة المشاكل التي ذكرنا انها من أسباب المس بأمن وسلامة بلداننا في إطار مغاربي وحدوي وستفاجؤكم النتائج. جربوا هذا الحل، ولو مرة واحدة، بدل تأجيج العواطف بتصريحات شوفينية جوفاء، لا تسمن ولا تغني الشعوب المغاربية من جوع.
أدعوكم، السي الشاهد، في هذا الإطار، لأن تبادروا ، رفقة نظرائكم المغاربيين الآخرين، إلى نصرة حكومة طرابلس الشرعية، وحماية العاصمة الليبية من الحرب المفروضة عليها من طرف عصابات حفتر كخطوة أولى على طريق بناء الصرح المغاربي، ودعكم من مشاكل كرة القدم، فالاتحادات المحلية قادرة على التعاطي معها، وتفرغوا لما هو أهم .. مشروع الوحدة المغاربية الذي لا محيد لنا عنه، إن نحن أردنا إيجاد مكان لنا تحت شمس الأمم.
واحذر السي الشاهد، أنت وزملاؤك المغاربيون، رعاكم الله، في هذا الصدد، الدوائر الكولونيالية الجديدة، التي تتغدى مع الراعي وتتعشى مع الذئب، ومعها حفتر والسيسي وابن زايد وابن سلمان، وإلا ستضطرون، قريبا، إلى القول أنكم أُكِلْتُتم يوم أُكِل الثور الأبيض. وإذا فشلتم في سلك الطريق الوحدوي المغاربي، على وعورته، لا قدر الله، فالتحقوا كلكم بنظرائكم الجزائريين “وتنحاو كاع”، ودعوا المهمة للشباب المغاربي ..
مع عبارات احترامي ..
(+) مواطن وصحافي مغاربي