ثقافية

التعصب الرياضي …تلك القنبلة الموقوتة

لقطة من مقابلة الوداد المغربي والترجي التونسي وما عرفته من أحداث لا رياضية بملعب رادس
عبدالإله رشقي

طالما ردد العالم من حولنا أن الرياضة تجمع ما فَرَّقَتْه المواقف السياسية، باعتبارها أحد جسور التواصل التي تتكلم لغة واحدة : لغة التسامح و الروح الموحدة، لكنها أصبحت  تخرج عن قالبها الأصلي وتحوَّلت عن مسارها السلمي، لتصبح مثل قنبلة موقوتة تنفجر بين ناديين يجمعهما الدين و الجنس و الأصل نفسه، بل أحيانا نفس الوطن ، أو بين بلدين يجمعهما التــاريخ و العرق والثوابت.

في هذا السياق أتذكر كلمات خافيير ماسكيرانو، عميد منتخب الأرجنتين،قبل نهاية “كوبا أمريكا” الذي كان يجمع بلده بمنتخب الشيلي  : “آمُلُ أن يفهم الناس أن كرة القدم رياضة وليست حربا” . جملة لها أكثر من دلالة على الهدف السامي الذي خُلقت من أجله الرياضة وأصلها، حيث يجب أن تمنحها الأولوية على السياسة، والبعد كل البعد عن دهاليز الديبلوماسيين والسياسيين. لكن رغم كل هــــذا و الشعارات التي يرفعها الاتحاد الدولي لكرة القدم و تحته باقي الاتحادات القارية حول الدور الهادف لكرة القدم في تقريب الشعوب،  إلا أننا نحصد، كل يوم وبعد كل مقابلة في كرة القدم ، عكس ما ننتظر،  وبالتالي تكريس أن التنظير شيء والواقع  فيه أشياء أخرى.

“الفار”، وصمة عار فرق بين الأخوين، رغم أنه لا ذنب لهذه التقنية الجديدة فيما وقع بين نادي الوداد البيضاوي المغــربي و نادي الترجي التونسي. في رمش العين أصبحنا نرى قَصْف ووَسْم و شتم بين الشعبين المغـربي و التونسي، بل الأكثر من هذا الانتقال إلى المساس بوحدة هذه الـــدول ورموزهـــــا.. و السبب مبــاراة لم تكتمـــــل في نهاية دوري أبطال أفريقيا، و إخراج التنافس من الرقعة الخضراء إلى دهاليز السياسة و الدبلوماسية، و تراشق بين النعوت و السب و القدف و التخوين و غيرها من المصطلحات التي تمس بمشاعر مواطني البلدين و وحدتهما ، بل وصلت الى حد التهديد بين الطرفين في ظل غياب الحكمة و التبصر، بعيدا عن من هو على صواب و من المخطئ..  أليست هي ، في نهاية المطاف، مقابلة في كرة القدم الهدف منها الترفيه و ليس الترهيب؟؟ ويبقى ما وقع منذ يوم 31-05-2019 الى اليوم مواجهة مغاربية 100% ليست إلا مثالا آخر يجسد الفكر و العقلية التي تطغى على مجتمعاتنا من تحويل الرياضة الى قنبلة موقوتة. وقبل هذا سبقت أحداث لا حصر لها ، كالمقابلة الجزائرية المصرية بأم درمان ؛ ومباراة  الصفاقس التونسي و نهضة بركان المغربي؛ و نادي الرجاء المغربي و نادي سطيف الجزائري .. و غيرها من اللقاءات المغاربية الصرفة.. و السؤال الذي يطرح نفسه من وراء كل هذه الأحداث : من يُؤجِّج ، دوْماً، هذه الأوضاع ؟و لماذا تغيب الحكمة في هذه المواقف؟

 يجب إعادة النظر في جميع مواقفنا حول الهدف من ممارسة هذه الجلدة المستديرة التي لقبت ب”رياضة الفقراء” أو بلقب “أفيون الشعوب”، وكيف أصبحت سببا من أسباب اندلاع الحروب الأهلية ،حيث أصبح رمز النادي مقدسا أكثر من عَلَمِ الوطن، فما شهدته وتشهده الساحة اليوم لم يعد يمت بأي صلة للمغزى والهدف الأساسي للرياضة، بل تحولت الى فتيلة كلما اقتربـــت من نـــــار إلا واشتعلت الى أقصى ما تستطيعه.. ألم يأني لنا أن نطبق شعاراتنا الفضفاضة التي تُوَحِّد ولا تفرق.

إن المباريات في كرة القدم وتشجيع النوادي لم يعد ممارسة عادية يقوم بها شخص لمجرد إعجابه بنادٍ معين، بل تطور الأمر وأصبح يشكل لدى البعض عقيدة ، بها يُوالي وبها يُعادي ، بل أصبحت كرة القدم ـ كما يقول الصحفي البريطاني أندي ويست ـ دين الشعوب!، ومشاهدة مباريات كرة القدم والتعصب في التشجيع من بين أهم الحيل النفسية التي تستخدم سواء للسيطرة على الشعوب أو التعبير عن كبث داخلي لدى الجماهير بل وتمرير الرسائل السياسية ، بل أصبحت ظاهرة يجب أن يخوض فيها كل من هو متداخل فيها.

Related Articles

One Comment

  1. اعتقد ان الاخوة التونسيين مصابوت بجنون العظمة..والفوا التتويج بهذه الطرق الغير المشروعة وشهد شاهد من أهلها..حتى الاندية التونسية تتشكى من هذه الاساليب الغير المشروعة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button