تقنيةجهاتمجتمعية
Trending

الوشم.. تقليد عريق في الثقافة الأمازيغية تحول إلى رمز معاصر


المصطفى عياش

يعتبر الوشم عنصرا ضاربا في عمق الثقافة الأمازيغية ما يزال صامدا إلى اليوم، حيث ماتزال العديد من النساء الأمازيغيات، لاسيما في الأطلس المتوسط، تزين وجوههن بوشم أو وشوم عدة.

وقد شكل الوشم موضوعا انكب على دراسته مجموعة من علماء الاجتماع في المغرب. ففي كتابه “الاسم العربي الجريح”، يعرف الأنثروبولوجي وعالم الاجتماع المغربي عبد الكبير لخطيبي الوشم بصفته “علامة رمز صورية”، أي أن الوشوم وضعت قديما لأغراض متنوعة من بينها، على الخصوص، التعريف والتمييز بين الناس.

وأوضح مؤلف “الذاكرة الموشومة” و” النقد المزدوج”، أن هناك تعددا في تقنيات الوشم، لكن الأداة المغربية المفضلة ظلت الإبرة، مضيفا أن كل واشم يركب وصفته الخاصة من مواد مختلفة.

ويقول الحسين آيت بحسين، باحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، في مقال له حول “دور المرأة الأمازيغية في الحفاظ على البعد الأمازيغي للهوية المغربية من خلال إبداعاتها”، أنه من حيث القيمة الاجتماعية، تعبر الأشكال الوشمية بشكل عام على الانتماء إلى مجموعة أسرية أو قبلية أو غيرها من المجموعات. وفي هذه الحالة، يضيف الباحث، فإن الوشم بمثابة بنية تتقاطعه قيم اجتماعية وثقافية وسيكولوجية وجمالية، وهو بذلك يعكس بنية القبيلة، التي كانت حتى مجيء المستعمر الغربي شكلا من أشكال التنظيم الاجتماعي القروي بالمغرب.

ومن حيث القيمة الجمالية، يبدو أن المعين هو الشكل الذي تستلهم منه الرموز الوشمية وذلك لما يحمله من اتساقات إبداعية ودلالات رمزية. أما من حيث القيمة النفسية السيكولوجية، فللوشم وظائف عدة منها أنه يمكن مثلا من التقريب بين الحاجبين أو أن يجعلهما مستطيلين، وبذلك يضفي على النظرة قوة تنسي الناظر مثالب الوجه.

وبدوره، قال الأستاذ الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حمو بلغازي، في تصريح للبوابة الأمازيغية لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن عادة الوشم تعود إلى العصر “النيوليتكي”، مضيفا أنه وإلى حدود فترة قريبة نسبيا، كان الوشم القديم يستعمل على صعيد عام في الأوساط الناطقة بالأمازيغية وكذا العربية في المغرب، واستعماله كان رائجا أكثر في القرى مقارنة بالمدن وعند النساء منه عند الرجال.

وشدد على أن الوشم الأمازيغي كوني بالمعنى الإنساني للكلمة، ذلك أنه يشكل قاسما مشتركا مع وشوم الثقافات الأخرى.

واعتبر أن عادة الوشم القديم عرفت تراجعا قويا في المغرب منذ النصف الأول من القرن العشرين لأسباب عدة، من بينها، إدخال أسلوب البنية الاجتماعية الأوروبية وتطويرها من طرف المستعمر في إطار ما كان يسمى حينها ب”المهمة الحضارية”.

وفي خضم العولمة التي تعيشها مختلف المجتمعات وتنصهر بفعلها مختلف الثقافات وتتقارب المسافات، بدأت هذه الظاهرة تحظى ببعد جمالي وثقافي كرسه التقدم التكنولوجي، وخصوصا وسائل التواصل الاجتماعي، الشيء الذي جعل الوشم واللباس الأمازيغيين يكتسيان صبغة عالمية جسدتها على سبيل المثال المغنية الأمريكية مادونا، الشهيرة بلقب “ملكة البوب”، عندما تزينت على النمط الأمازيغي السنة الماضية بمناسبة احتفالها بعيد ميلادها الستين، وكذلك أثناء حضورها لحفل توزيع جوائز “إم تي في”.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button