هل أتــاك حديث البــادية ..؟
إسماعيل هموني
البادية، عطر الأرض عتقته السنون ؛ فيها يتفتق الكلام عاريا من الطعون؛ تمشي الظلال فيها غير متوجسة بالظنون ؛ الناس فيها أصفياء عقل، وأنبياء نبل .
البادية ..
أول الظهور للأشياء والكلمات ؛ بسيطة تشف كما المطر، لم يتلبسها غبار الوقت ؛ سريعة الحركة والذوبان لاتتيبس أليافها عند أول استدارة ؛ قريبة من غشاء السماء ؛ في بكارة كالفجر النقي .
البادية..
حنان أم لاتمل من العطاء ؛ حب غجري لا يشرب إلا من الأعالي ؛ وسادته النجوم ؛ وغطاؤه الليل والنهار في تحاب سرمدي؛ كأنه خيمة مفتوحة تعانقها أيادي النخيل ؛ و أسراب الحمام ساعة الرحيل .
البادية..
نزوع المشي إلى الترحال؛ و عزوف الظل عن الدعة؛ ونفور الشبيه من الشبيه؛ لاحياة تعتمد التكرار. الكل في بوح و استفسار.. فيها يتسع ضوء السؤال؛ لكل لسانه وعدة مقال ؛ الخبر فيها يصنع الحال .
البادية ..
طبع لايفارق ؛ و عمق متأصل غارق ؛ به ينشأ الخلق على التعرف بالسلائق ؛ الحس فيها بدء ؛ والعقل معلم محقق؛ العين ميزان لاقط و الشم عرق غير ساقط، واللمس بالقلوب لائط، والذوق مائز من غير شطط .
البادية ..
هويتي؛ منها جئت، و بها مشيت، وإليها أسوق غوايات
الوقت ، كي أجذر الطفل الذي كنت .