من اليمين إلى اليسار:الدكتور سالم بن محمد المالك،الأستاذ خالد المالك، الأستاذ محمد الصديق معنينو ،والأستاذ عبد الإله بنعرفة
هناء مهدي ـ نور 24
أكد الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، في كلمته الافتتاحية ، بملتقى الإيسيسكو الثقافي، حول موضوع “مستقبل الإعلام: من الصحافة الورقية إلى الصحافة الرقمية” ، الذي تم بمقر المنظمة بالرباط ، مساء أمس الثلاثاء 21 يناير 2020، أن الأزمة التي تمر بها مهنة الصحافة اليوم، لا تقتصر على الجانب الأخلاقي والقضايا المجتمعية، بل إن هذه المهنة تعرف، نتيجة التحولات التقنية الجديدة، هشاشة مهنية تؤثر سلبا على عمل الصحفيين، وتحتم إعادة هيكلة نظم عمل الصحافة.
وأضاف أن الصحافة المسؤولة ، هي حاملة لواء حرية التعبير، لذلك طالما حظيت باحترام الرأي العام، لكن تحولات عديدة زعزعت هذه الثقة، ملاحظا أنه في مجتمع المعرفة والاتصال والتحولات الرقمية المذهلة، أضحت المعلومة في قلب جميع الاستراتيجيات، وتعرض الصحافيون والصحافة والجهات الممولة لها لانتقادات واسعة، وبالتالي كثر الحديث عن مناورات بعض وسائل الإعلام وتلاعبها بالرأي العام، مما أثر على السلطة المعنوية التي كانت الصحافة تتمتع بها.
كما أشار الدكتور المالك إلى أن النموذج التقليدي للصحافة لم يعد يساير التطورات الرقمية الحاصلة في المهنة، لأن مواقع التواصل الاجتماعي، وأولوية اللحظة وسرعة تدفق الأخبار المتتالية قد أثر بشكل كبير على هذا النموذج، لكنه شدد على أن الصحافة مهنة فكرية شريفة تتطلب جهدا وصرامة ونزاهة وثقافة ووقتا ووسائل مساعدة، وتساهم في بناء مجتمع المواطنة والديمقراطية، إضافة إلى أنها تساهم في تشكيل الذاكرة الجماعية.
الأستاذ محمد الصديق معنينو
محاور كانت بمثابة الأرضية التي تطرق منها كل من الأستاذين خالد المالك ، رئيس تحرير جريدة “الجزيرة ” السعودية، ومحمد الصديق معنينو ، الإعلامي والكاتب المغربي المعروف،بالشرح والتحليل، من خلال الواقع الإعلامي في كل من العربية السعودية والمغرب ، انطلاقا من تجربتهما المهنية في الصحافة ، ومن متابعين للمتغيرات التي يعرفها قطاع الإعلام ، كمهنيين مجرَّبين ومحنكين، مع ظهور الإعلام الرقمي ، وتأثيره الملموس على المشهد الإعلامي، ونفوذه الكبير في مختلف القطاعات والمؤسسات والمجتمعات..
جانب من الحاضرين في الندوة
لاحظ المحاضران ،خالد المالك والصديق معنينو، أن التطور التقني الذي رافق الإعلام الجديد ، أحدث تغييرا كبيرا على مستوى مصادر المعلومات، و على طبيعة العمل المهني، وحتى على علاقة الصحفي بالمجتمع ..ولم تعد الصحافة الورقية قادرة على منافسة الإعلام الرقمي،مما جعل لهذا الإعلام الجديد وجود وسيطرة تثير الكثير من النقاش .
في نظر المحاضرين ، فإن من سمات التغيير الذي كان وراءه الإعلام الرقمي أن أيّ إنسان أصبح صحفيا بل مسؤولا عن النشر والتحرير، من خلال استعمال هاتف نقّال يلتقط به ما يشاء من صور بسرعة، وينشر بتفس السرعة في شبكات التواصل الاجتماعي ، لكن هذا يكون على حساب الضوابط المهنية التي تفرض مسؤوليات كالتحري في طبيعة الخبر، ومصدره، قبل إرساله ؛ وهذا شيء لا تتقيد به الصحافة الرقمية التي لا تفرض على “صحفييها” أي تكوين أو شهادات، مما يطرح،بقوة، مسألة أخلاقيات المهنة وميثاق الشرف .. أي كل ما يتعلق بحدود إنْ لم نقل بحرمة المهنة، وهي أمور لا توجد في الصحافة الرقمية التي تخطت وتجاوزت الحدود والأعراف والتقاليد المهنية، لما توفره لها التقنيات الحديثة من سرعة أصبح من الصعب متابعتها ، ولا مراقبتها.
من هنا يقول الأستاذان المحاضران، أنه إذا كان من السهل على أجهزة الدولة مراقبة الصحافة الورقية ومراقبتها والوقوف على ما تنشر..فإن ذلك أصبح صعبا ممارسته على هذا الإعلام الجديد.
من ناحية ثانية ،قارن المحاضران بين المهنة في الصحافتين، الورقية والإلكترونية، مشيرين إلى أنه إذا كانت الصحافة الورقية تلتزم بشرف المهنة وتقاليدها وأعرافها وقوانينها، وبضرورة التكوين والنزاهة ، وما تتطلبه من جهد ووقت ..والالتزام برسالتها باعتبارها تساهم في تطوير وتثقيف الرأي العام، وتحصين توابث المجتمع والدولة..فإن هذا لا يوجد، عموما، في الصحافة الإلكترونية..
“هل لا تزال الصحافة هي التي تصنع الرأي العام في ظل التحولات الجديدة؟ هل تساهم الصحافة، فعلا، في إيصال المعلومة الصحيحة وتنوير العقول؟ وهل ستصمد الصحافة المسؤولة والإعلام المهني أمام التطورات الرقمية المتسارعة التي وضعت تقنيات التلاعب بالنصوص والصور ونشر الأخبار الزائفة في أيدي غير أمينة؟.”
تلك هي الأسئلة التي طرحها المدير العام ل”الإيسيسكو” في كلمته الافتتاحية .. وستظل مطروحة…